التقسيمات الاداريةفي فلسطين قبل عام 1948
التقسيمات الادارية في فلسطين قبل عام 1948
أولاً: التقسيمات الإدارية خلال العهد العثماني
خلال التاريخ العربي، لم يحمل تعبير فلسطين مدلولاً سياسياً خاصاً، إذ كانت هذه المنطقة جزءاً من دولة أكثر اتساعا، تحمل هويتها، ويشكل تاريخها جزءاً من التاريخ العربي العام. لقد كانت فلسطين وحدة إدارية، كما كانت في الوقت نفسه، إشارة إلى موقع جغرافي- إلى امتداد في المكان.
في العهد العثماني، حدثت تطورات سريعة، معقدة وكثيرة، بالنسبة للتقسيمات الإدارية خلال تلك الفترة جميعها، لكنها، جميعاً، أسقطت من مصطلحها الإداري تعبير فلسطين، إذا اقترنت التسميات، على الأغلب بأسماء المدن ويهمنا هنا أن نلم سريعاً بالتقسيمات الإدارية التي كانت عليها المنطقة الواقعة على جانبي نهر الأردن، عشية الحرب العالمية الأولى، قبل أن تصبح فلسطين وحدة إقليمية رسمت خريطتها وحدودها الجغرافية السياسية بفعل صراع المصالح الدولية في المنطقة. ونحن إذا دخلنا الأراضي الواقعة إلى الشرق من نهر الأردن في هذه الإطلالة على الوضع، فلأن أقساماً منها حملت اسم فلسطين، كما ذكرنا في التمهيد، ولأن التقسيمات الإداري على جانبي النهر كانت متداخلة.
لم تكن فلسطين- بحدودها المعروفة حالياً- وحدة إدارية واحدة أواخر العهد العثماني، وإنما توزعت إدارياً بين ولاية بيروت التي انفصلت عن ولاية سوريا في العام 1887، ومتصرفية القدس المستقلة التي فصلت، أيضاً، عن الولاية نفسها في العام 1882. وسنعرض فيما يلي لهذا التوزيع الإداري حسب الأولوية:
1. لواء عكا: كان يتبع ولاية بيروت ويضم أقضية حيفا وطبريا وصفد والناصرة. وقد فصل قضاء الناصرة لفترة قصيرة بين العامين 1906 و1909 عن لواء عكا وضم إلى متصرفيه القدس. وقد كان الغور، حتى شونة جسر المجامع، تابعاً لقضاء طبريا.
2. لواء البلقاء: سمي، أيضاً، لواء نابلس. وكان يضم بشكل دائم، بالإضافة إلى نابلس، أقضية جنين وبني صعب وجماعين في جانب نهر الأردن الغربي. أما في الجانب الشرقي من النهر فكان يضم قضاء السلط (عمان كانت قرية صغيرة في قضاء السلط) بين نهر الزرقاء ونهر الموجب، وذلك حتى العام 1905، عندما ضم القضاء إلى ولاية سوريا.
3. متصرفية القدس المستقلة: كانت تتبع مباشرة للباب العالي دون أن تتبع أيا من الولايات. وكانت المتصرفية تضم أقضية يافا وغزة وبئر السبع والخليل. وقد حافظت متصرفية القدس حتى أواخر العهد العثماني- باستثناء الفترة من 1906 حتى 1909 عندما ضم إليها قضاء الناصرة- على حدودها على النحو التالي: من الشمال، خط متعرج يفصل بين المتصرفية ولواء نابلس التابع لولاية بيروت، ويبدأ من منتصف الطريق بين غزة والعريش على البحر المتوسط وينتهي في العقبة. ومن الشرق، امتداد نهر الأردن و البحر الميت ووادي عربة الذي يصل العقبة بالبحر الميت.
هذا بالنسبة للجانب الغربي من النهر، أما على الجانب الشرقي فقد أجريت تعديلات عديدة كانت فيها السلط والكرك والطفيلة في العام 1868 تابعة للواء البلقاء (نابلس)، ثم تبعت الكرك ومعان لواء القدس، وفي العام 1879 ألحقت الكرك ومعان بلواء نابلس، وفي العام 1893 شكل لواء الكرك وعرف باسم لواء معان وألحق بولاية سوريا بعد أن فصل عن لواء البلقاء الذي كان يتبع ولاية بيروت. أما قضاء عجلون في الشمال فقد بقي يتبع لواء حوران في ولاية سوريا حتى العام 1900. وفي العام 1910 كان قضاء عجلون يتألف من مدينة واحدة هي اربد ومن ناحيتي كفرنجة والكورة ومن 12 قرية. وفي العام نفسه، كانت متصرفية الكرك (التي تتبع ولاية سوريا) تشمل قضاء السلط ومركزه السلط ويتبعه مأدبا والجيزة وعمان، وقضاء معان وقضاء الطفيلة، بالإضافة إلى مدينة الكرك مركز المتصرفية.
كان الوضع الإداري على جانبي النهر، إذن، عشية الحرب العالمية الأولى كما يلي: في الغرب،
1. متصرفية القدس المستقلة والمرتبطة مباشرة بالعاصمة العثمانية وتشمل بالإضافة إلى القدس، يافا وغزة وبئر السبع.
2. لواء نابلس الذي يتبع ولاية بيروت، ويشمل بالإضافة إلى نابلس، جنين وطولكرم.
3. لواء عكا ويتبع بيروت أيضاً، ويشمل بالإضافة إلى عكا، حيفا والناصرة وطبريا وصفد.
أما في الشرق فهناك:
1. متصرفية الكرك وتشمل بالإضافة إلى الكرك، أقضية السلط (بما فيها عمان) ومعان والطفيلة.
2. قضاء عجلون ويتبع لواء حوران الذي يتبع ولاية سوريا.
غير أن هذا الشكل من التنظيم لم يمكن يحمل مضموناً سياسياً، وإنما افترضته، أساساً، المتطلبات الإدارية في الدولة العثمانية، وكانت هناك أسباب عديدة تمنع هذا التقسيم الإداري من أن ينقلب إلى وقائع كيانية سياسية تخلق الأساسات المادية للتجزئة. فكان هناك،
أولاً: انتهاء الولايات جميعاً إلى الدولة العثمانية بكيانها السياسي الواحد.
ثانياً: تراث العرب الطويل لجهة دولتهم العربية التي شكلت أساساً لمقومات الأمة، بالإضافة إلى لغتهم الواحدة وتاريخهم المشترك.
ثالثاً: عدم ثبات حدود الولايات والتقسيمات الإدارية جميعا، خلال العهد العثماني كله، بحيث كانت الولايات تضم إلى بعضها البعض مرات، أو تفصل من بعضها أجزاء وتضم إلى أخرى. وكانت هذه الأسباب كفيلة بجعل هذه التقسيمات تحافظ على معناها الإداري، دون أن تتحول إلى تجسيدات سياسية كيانية.
غير أن سنوات الحرب العالمية الأولى والأعوام القليلة التي أعقبتها كانت حاسمة في إرساء جذور الكيانات الجديدة في المنطقة العربية. فهذه السنوات شهدت نهاية الامبراطورية العثمانية (الرجل المريض في المصطلح الغربي) وزوال حكمها عن البلاد العربية، وكان اقتسام تركة الرجل المريض ما بين الدول الأوروبية التي خرجت منتصرة من الحرب، مناسبة لإنشاء كيانات إقليمية في المنطقة، متعارضة مع أماني شعوبها التي كانت مركزة في إقامة دولة عربية واحدة ذات سيادة على جميع الأراضي العربية. إلا أن تصادم مصالح القوى العظمى مع هذه الأماني جعل المنطقة توزع أقاليم، بحيث حدد تأثير هذه المصالح وأهدافها أشكال الكيانات السياسية المستجدة لكي تكون أكثر تلبية لتلك المصالح واستجابة للأنماط المختلفة منها، حتى أن بعض هذه الكيانات التي انبثقت، رسمت لها الوظائف المعينة ضمن أهداف صراع المصالح مرة وتوافقها مرة أخرى.
وتاريخيا، تعتبر الاتفاقية التي عرفت باسم اتفاقية سايس –بيكو في العام 1916، المحدد الزمني للاتجاه الاستعماري الهادف إلى خلق كيانات سياسية عربية منفصل بعضها عن بعض، وهي التي رسمت بوحي منها المعالم الجغرافية الرئيسية لهذه الكيانات التي انبثقت بعد الحرب بتعديلات، أن تجاوزت بتفصيلاتها الحدود التي رسمتها تلك الاتفاقية فهي لم تخرج عن الهدف الرئيسي، بل الوحيد، الذي كان بمثابة الناظم للاتفاقية، نعني اقتسام الوطن العربي ما بين الدول الاستعمارية وتمزيقه كي تسهل السيطرة عليه.
ثانياً: التقسيمات الإدارية في فلسطين خلال الانتداب البريطاني
وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها في نوفمبر "تشرين الثاني" من عام 1918 وكانت جيوش الإنجليز قد دخلت القدس في أواخر عام 1917
وفي تلك الفترة صدر وعد بلفور نسبة إلى وزير الخارجية البريطاني اللورد بلفور للصهاينة بإعطاء فلسطين وطن قومي لليهود لإنشاء دولتهم فيها وصدر هذا الوعد بتاريخ 2 نوفمبر 1917 وقد صاغ بلفور وعده في العبارات التالية
" عزيزي اللورد روتشيلد"
إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي وسوف تفرغ خير مساعيها لتسهيل بلوغ هذه الغاية، وليكن معلوما أنه لا يسمح بإجراء شيء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين الآن، أو بالحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأخرى وبمركزهم السياسي فيها"
وعندما تم للإنجليز ما أرادوا وأصبح سلطانهم العسكري هو المهيمن الوحيد في فلسطين حين أتموا احتلال جميع أطرافها في أواخر عام 1918 أصبح الشعب العربي في فلسطين يئن تحت الحكم العسكري البريطاني الذي بدا واضحاً من أول وهلة أنه ينفذ برنامج التهويد الرهيب
لقد اشتملت التقسيمات الإدارية في فلسطين خلال الانتداب البريطاني على مرحلتين:
المرحلة الأولى : التقسيم الإداري والجغرافي لعام 1922
المرحلة الثانية : التقسيم الإداري والجغرافي لعام 1939
التقسيم الإداري والجغرافي لمناطق فلسطين في العام 1922
:كان التقسيم الإداري موزعا على أربعة ألوية هي
اللواء الجنوبي ويضم أربعة اقضية هي:<غزة، بئر السبع، المجدل، الخليل
لواء القدس يافا: ويضم ستة أقضية هي: القدس، يافا، بيت لحم، رام الله، اريحا، الرملة
لواء نابلس : ويضم أربعة أقضية هي: نابلس، طولكرم، جنين ، بيسان
لواء الشمال: ويضم خمسة أقضية هي: جنين، عكا، الناصرة، طبرية، صفد
ثم بعد ذلك تم دمج بعض الاقضية ببعض فأصبحت جميعها ستة عشر قضاء هي: صفد، عكا، طبرية، بيسان، الناصرة، حيفا، جنين، طولكرم، نابلس، رام الله، الرملة، يافا، القدس، الخليل، غزة، بئر السبع
التقسيم الإداري الجغرافي لمناطق فلسطين في العام 1939
استمر التقسيم الإداري الأول حتى عام 1939 حيث أعادت بريطانيا التقسيم الإداري مرة ثانية على النحو التالي:
لواء الجليل: وقاعدته "الناصرة" ويتألف من قضاء(عكا، بيسان، صفد، طبرية، والناصرة)
لواء حيفا: يضم قضاء حيفا
لواء نابلس: ويتألف من قضاء نابلس وجنين وطولكرم
لواء القدس: يشمل قضاء القدس والخليل ورام الله
لواء يافا: يشمل قضاء يافا والرملة
لواء غزة: يشمل قضاء غزة وبئر السبع
التقسيمات الادارية في فلسطين قبل عام 1948
أولاً: التقسيمات الإدارية خلال العهد العثماني
خلال التاريخ العربي، لم يحمل تعبير فلسطين مدلولاً سياسياً خاصاً، إذ كانت هذه المنطقة جزءاً من دولة أكثر اتساعا، تحمل هويتها، ويشكل تاريخها جزءاً من التاريخ العربي العام. لقد كانت فلسطين وحدة إدارية، كما كانت في الوقت نفسه، إشارة إلى موقع جغرافي- إلى امتداد في المكان.
في العهد العثماني، حدثت تطورات سريعة، معقدة وكثيرة، بالنسبة للتقسيمات الإدارية خلال تلك الفترة جميعها، لكنها، جميعاً، أسقطت من مصطلحها الإداري تعبير فلسطين، إذا اقترنت التسميات، على الأغلب بأسماء المدن ويهمنا هنا أن نلم سريعاً بالتقسيمات الإدارية التي كانت عليها المنطقة الواقعة على جانبي نهر الأردن، عشية الحرب العالمية الأولى، قبل أن تصبح فلسطين وحدة إقليمية رسمت خريطتها وحدودها الجغرافية السياسية بفعل صراع المصالح الدولية في المنطقة. ونحن إذا دخلنا الأراضي الواقعة إلى الشرق من نهر الأردن في هذه الإطلالة على الوضع، فلأن أقساماً منها حملت اسم فلسطين، كما ذكرنا في التمهيد، ولأن التقسيمات الإداري على جانبي النهر كانت متداخلة.
لم تكن فلسطين- بحدودها المعروفة حالياً- وحدة إدارية واحدة أواخر العهد العثماني، وإنما توزعت إدارياً بين ولاية بيروت التي انفصلت عن ولاية سوريا في العام 1887، ومتصرفية القدس المستقلة التي فصلت، أيضاً، عن الولاية نفسها في العام 1882. وسنعرض فيما يلي لهذا التوزيع الإداري حسب الأولوية:
1. لواء عكا: كان يتبع ولاية بيروت ويضم أقضية حيفا وطبريا وصفد والناصرة. وقد فصل قضاء الناصرة لفترة قصيرة بين العامين 1906 و1909 عن لواء عكا وضم إلى متصرفيه القدس. وقد كان الغور، حتى شونة جسر المجامع، تابعاً لقضاء طبريا.
2. لواء البلقاء: سمي، أيضاً، لواء نابلس. وكان يضم بشكل دائم، بالإضافة إلى نابلس، أقضية جنين وبني صعب وجماعين في جانب نهر الأردن الغربي. أما في الجانب الشرقي من النهر فكان يضم قضاء السلط (عمان كانت قرية صغيرة في قضاء السلط) بين نهر الزرقاء ونهر الموجب، وذلك حتى العام 1905، عندما ضم القضاء إلى ولاية سوريا.
3. متصرفية القدس المستقلة: كانت تتبع مباشرة للباب العالي دون أن تتبع أيا من الولايات. وكانت المتصرفية تضم أقضية يافا وغزة وبئر السبع والخليل. وقد حافظت متصرفية القدس حتى أواخر العهد العثماني- باستثناء الفترة من 1906 حتى 1909 عندما ضم إليها قضاء الناصرة- على حدودها على النحو التالي: من الشمال، خط متعرج يفصل بين المتصرفية ولواء نابلس التابع لولاية بيروت، ويبدأ من منتصف الطريق بين غزة والعريش على البحر المتوسط وينتهي في العقبة. ومن الشرق، امتداد نهر الأردن و البحر الميت ووادي عربة الذي يصل العقبة بالبحر الميت.
هذا بالنسبة للجانب الغربي من النهر، أما على الجانب الشرقي فقد أجريت تعديلات عديدة كانت فيها السلط والكرك والطفيلة في العام 1868 تابعة للواء البلقاء (نابلس)، ثم تبعت الكرك ومعان لواء القدس، وفي العام 1879 ألحقت الكرك ومعان بلواء نابلس، وفي العام 1893 شكل لواء الكرك وعرف باسم لواء معان وألحق بولاية سوريا بعد أن فصل عن لواء البلقاء الذي كان يتبع ولاية بيروت. أما قضاء عجلون في الشمال فقد بقي يتبع لواء حوران في ولاية سوريا حتى العام 1900. وفي العام 1910 كان قضاء عجلون يتألف من مدينة واحدة هي اربد ومن ناحيتي كفرنجة والكورة ومن 12 قرية. وفي العام نفسه، كانت متصرفية الكرك (التي تتبع ولاية سوريا) تشمل قضاء السلط ومركزه السلط ويتبعه مأدبا والجيزة وعمان، وقضاء معان وقضاء الطفيلة، بالإضافة إلى مدينة الكرك مركز المتصرفية.
كان الوضع الإداري على جانبي النهر، إذن، عشية الحرب العالمية الأولى كما يلي: في الغرب،
1. متصرفية القدس المستقلة والمرتبطة مباشرة بالعاصمة العثمانية وتشمل بالإضافة إلى القدس، يافا وغزة وبئر السبع.
2. لواء نابلس الذي يتبع ولاية بيروت، ويشمل بالإضافة إلى نابلس، جنين وطولكرم.
3. لواء عكا ويتبع بيروت أيضاً، ويشمل بالإضافة إلى عكا، حيفا والناصرة وطبريا وصفد.
أما في الشرق فهناك:
1. متصرفية الكرك وتشمل بالإضافة إلى الكرك، أقضية السلط (بما فيها عمان) ومعان والطفيلة.
2. قضاء عجلون ويتبع لواء حوران الذي يتبع ولاية سوريا.
غير أن هذا الشكل من التنظيم لم يمكن يحمل مضموناً سياسياً، وإنما افترضته، أساساً، المتطلبات الإدارية في الدولة العثمانية، وكانت هناك أسباب عديدة تمنع هذا التقسيم الإداري من أن ينقلب إلى وقائع كيانية سياسية تخلق الأساسات المادية للتجزئة. فكان هناك،
أولاً: انتهاء الولايات جميعاً إلى الدولة العثمانية بكيانها السياسي الواحد.
ثانياً: تراث العرب الطويل لجهة دولتهم العربية التي شكلت أساساً لمقومات الأمة، بالإضافة إلى لغتهم الواحدة وتاريخهم المشترك.
ثالثاً: عدم ثبات حدود الولايات والتقسيمات الإدارية جميعا، خلال العهد العثماني كله، بحيث كانت الولايات تضم إلى بعضها البعض مرات، أو تفصل من بعضها أجزاء وتضم إلى أخرى. وكانت هذه الأسباب كفيلة بجعل هذه التقسيمات تحافظ على معناها الإداري، دون أن تتحول إلى تجسيدات سياسية كيانية.
غير أن سنوات الحرب العالمية الأولى والأعوام القليلة التي أعقبتها كانت حاسمة في إرساء جذور الكيانات الجديدة في المنطقة العربية. فهذه السنوات شهدت نهاية الامبراطورية العثمانية (الرجل المريض في المصطلح الغربي) وزوال حكمها عن البلاد العربية، وكان اقتسام تركة الرجل المريض ما بين الدول الأوروبية التي خرجت منتصرة من الحرب، مناسبة لإنشاء كيانات إقليمية في المنطقة، متعارضة مع أماني شعوبها التي كانت مركزة في إقامة دولة عربية واحدة ذات سيادة على جميع الأراضي العربية. إلا أن تصادم مصالح القوى العظمى مع هذه الأماني جعل المنطقة توزع أقاليم، بحيث حدد تأثير هذه المصالح وأهدافها أشكال الكيانات السياسية المستجدة لكي تكون أكثر تلبية لتلك المصالح واستجابة للأنماط المختلفة منها، حتى أن بعض هذه الكيانات التي انبثقت، رسمت لها الوظائف المعينة ضمن أهداف صراع المصالح مرة وتوافقها مرة أخرى.
وتاريخيا، تعتبر الاتفاقية التي عرفت باسم اتفاقية سايس –بيكو في العام 1916، المحدد الزمني للاتجاه الاستعماري الهادف إلى خلق كيانات سياسية عربية منفصل بعضها عن بعض، وهي التي رسمت بوحي منها المعالم الجغرافية الرئيسية لهذه الكيانات التي انبثقت بعد الحرب بتعديلات، أن تجاوزت بتفصيلاتها الحدود التي رسمتها تلك الاتفاقية فهي لم تخرج عن الهدف الرئيسي، بل الوحيد، الذي كان بمثابة الناظم للاتفاقية، نعني اقتسام الوطن العربي ما بين الدول الاستعمارية وتمزيقه كي تسهل السيطرة عليه.
ثانياً: التقسيمات الإدارية في فلسطين خلال الانتداب البريطاني
وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها في نوفمبر "تشرين الثاني" من عام 1918 وكانت جيوش الإنجليز قد دخلت القدس في أواخر عام 1917
وفي تلك الفترة صدر وعد بلفور نسبة إلى وزير الخارجية البريطاني اللورد بلفور للصهاينة بإعطاء فلسطين وطن قومي لليهود لإنشاء دولتهم فيها وصدر هذا الوعد بتاريخ 2 نوفمبر 1917 وقد صاغ بلفور وعده في العبارات التالية
" عزيزي اللورد روتشيلد"
إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي وسوف تفرغ خير مساعيها لتسهيل بلوغ هذه الغاية، وليكن معلوما أنه لا يسمح بإجراء شيء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين الآن، أو بالحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأخرى وبمركزهم السياسي فيها"
وعندما تم للإنجليز ما أرادوا وأصبح سلطانهم العسكري هو المهيمن الوحيد في فلسطين حين أتموا احتلال جميع أطرافها في أواخر عام 1918 أصبح الشعب العربي في فلسطين يئن تحت الحكم العسكري البريطاني الذي بدا واضحاً من أول وهلة أنه ينفذ برنامج التهويد الرهيب
لقد اشتملت التقسيمات الإدارية في فلسطين خلال الانتداب البريطاني على مرحلتين:
المرحلة الأولى : التقسيم الإداري والجغرافي لعام 1922
المرحلة الثانية : التقسيم الإداري والجغرافي لعام 1939
التقسيم الإداري والجغرافي لمناطق فلسطين في العام 1922
:كان التقسيم الإداري موزعا على أربعة ألوية هي
اللواء الجنوبي ويضم أربعة اقضية هي:<غزة، بئر السبع، المجدل، الخليل
لواء القدس يافا: ويضم ستة أقضية هي: القدس، يافا، بيت لحم، رام الله، اريحا، الرملة
لواء نابلس : ويضم أربعة أقضية هي: نابلس، طولكرم، جنين ، بيسان
لواء الشمال: ويضم خمسة أقضية هي: جنين، عكا، الناصرة، طبرية، صفد
ثم بعد ذلك تم دمج بعض الاقضية ببعض فأصبحت جميعها ستة عشر قضاء هي: صفد، عكا، طبرية، بيسان، الناصرة، حيفا، جنين، طولكرم، نابلس، رام الله، الرملة، يافا، القدس، الخليل، غزة، بئر السبع
التقسيم الإداري الجغرافي لمناطق فلسطين في العام 1939
استمر التقسيم الإداري الأول حتى عام 1939 حيث أعادت بريطانيا التقسيم الإداري مرة ثانية على النحو التالي:
لواء الجليل: وقاعدته "الناصرة" ويتألف من قضاء(عكا، بيسان، صفد، طبرية، والناصرة)
لواء حيفا: يضم قضاء حيفا
لواء نابلس: ويتألف من قضاء نابلس وجنين وطولكرم
لواء القدس: يشمل قضاء القدس والخليل ورام الله
لواء يافا: يشمل قضاء يافا والرملة
لواء غزة: يشمل قضاء غزة وبئر السبع