قاموس الشتائم
د . جمال بطاح
الخميس 12-4-2007
مهما كان مقدار شجبنبا واستنكارنا , فإننا لايمكننا إلا الإعتراف بحقيقة مايدور حولنا . فترى الأعصاب شبه منفلتة .. الشتائم تغيرت هي الأخرى .. ألفاظ ومصطلحات جديدة دخلت وتدخل قاموس حياتنا ..
أوبالأحرى تسللت وتتسلل إلى مجتمعنا دون أو ننتبه إليها , وعندما تحاول إحصاء أرقام هذه الشتائم تجدها أرقام مزعجة من الشتائم المتداولة بين الناس .. لدى الحرفيين وفي الورش والمنتديات الرياضية والأدبية أو بين حتى المثقفين ورؤساء العمل , وكان اتجاهها الأخطر عندما بدأت تتداول في الإعلام والسينما وبقية الفنون بشكل عام ,.. وتزداد سعيراً في المشاجرات وزحمات المرور ..!
وإذا حاول أحدنا استطلاع واستبيان , أو حتى محاولة الحصول على دليل ميداني لجمع المادة , فإنه يصطدم بصعوبة بالغة تواجهه , فليس من السهل أن يذكر الناس مااعتادوا أن يقولون من شتائم بمجرد أن تطلب ذلك منهم مباشرة , مما يجعلنا نضطر للنزول إلى الشارع أو الشوارع في مختلف الأحياء لتدوين كل ما نسمعه الطبيعة إلى جانب كلام الرواه الموثوقين من كبار السن , وهنا نكتشف أننا أمام بحر زاخر من الشتائم , ولكثر مايواجه المرء من زخم هذه الشتائم , تجعل لسانه يزل من حيث لايدري ببعض من تلك الشتائم .
وللشتائم قاموس قائم بحد ذاته وهو مقسم إلى ثلاثة أقسام : أولها الشتائم , وثانيها السباب وثالثها اللعان , والشتيمة هي دائماً أقل جرحاً للكرامة , أما السبب فهو أكثر إيلافاً .. واللعان يتناول الوالدين والأهل والدين .
وغالباً ماتتناول الشتائم ما يمس الكرامة والشرف وأكثر ماتنال الأم باعتبارها ذات مكانة مقدسة , وشتم الأم يعني النيل من الشرف والكرامة وقد تتعدى الأم إلى الأخت أيضاً , وهذا ماهو شائع في بلادنا العربية وإذا أردنا البحث عن سبب هذا الكم الهائل من الشتائم , فإننا نجده نفس سبب انتشار النكتة الخارجة في مواجهتها لأشد ظروف القهر لأن الشتائم هي رد فعل أو مردود نفسي للمقهور أو الضروب فهو الطرف الأكثر استخداماً للشتيمة فالشعور بالقهر من أية جهة كانت هو مايدعو ويدفع إلى تمزيق السواتر الاجتماعية والثورة ضدها باستخدام الشتائم ومن الطريف ذكره هو وجود شتائم خاصة لكل فئة من فئات المجتمع , ولسنا هنا قادرين على ذكر الأمثلة لأن ذكرها يتطلب وقتاً وبحثاً يطولان كثيراً , ولكن نشير إلى أن هناك شتائم منغمة تنتشر في بعض شوارعنا ومنها مايتم صياغته على أمثلة شعبية بعد تحريف وتغيير معانيها ومنها ماهو مشجع , فيقدح ويردح بها , كما للطبقة العليا في المجتمع شتائمها الخاصة وتبدأ من » ياحيوان , إلى ياوقح ..« حيث تختلف الشتائم وألفاظها حسب الطبقة الاجتماعية ودرجة تعلمها وتثقفها . كما توجد شتائم خاصة بين ذوي النوازع والكيانات السياسية » يساري , ويمنيي , امبريالي , عميل « كما وأن هناك شتائم ثقافية كتلك التي أطلقها بعض الأدباء والشعراء ومنها ماأطلقها نزار قباني على العرب الذين يسارعون بإقامة علاقات مع إسرائيل بأنهم مهرولون , ومن أسباب هذا الكم من الشتائم هو القهر والرغبة في التنفس فالناس يعتقدون أنهم بالشتائم يستطيعون لمس مالا يمكن لمسه وتحدي مالا يمكن تحديه أو التخلص منه , فنيلها لون بالشتيمة على كل جهة يعتبرونها أنها تقهرهم . والشتيمة إذا تناولناها في التحليل هي عدوان مستتر أو غير مباشر , فهي عدوان لفظي , وليست كلها على نفس الدرجة , فقد تكون الشتيمة بغرض المزاح أو إخراج الطاقة الزائدة , وقد يكون للإهانة والعدوان , هذا وإن الشتم والشتائم ظاهرة عالمية وإنسانية و تزداد في فترات الضغط الاجتماعي والظروف القاسية , وأكثر ماترتكز الشتيمة بين المراهقين وتكثر عند الذكور عنها عند الاناث , ومن هنا لابد لنا من وقفة صريحة مع ذاتنا للتفكير والبحث في إيجاد أنجع الحلول لهذه الظاهرة القبيحة التي وتستبيح مجتمعاتنا والتي أصبحت تلوث السمع وتؤذي المشاعر , وخاصة أن القانون لايعاقب السب والشتم بنفس القوى التي يواجه بها جرائم الإعتداء البدني .
وانا اقول هذه تعود الى التربية من داخل المنزل و من شب على شىْ شاب عليه