اولا الصداقة من حيث الناحية الدينية :-
بــــــــــــسم الله الرحمن الرحيـــــــــــم
لقد خطّط الإسلام للعلاقات الإنسانية داخل المجتمع، وخصّ العلاقة بين الرجل والمرأة، فوضع لها حدوداً وأُطراً تصونها وتسمح لها بأن تنشأ في جوٍّ سليم لا يثير المشاكل والانحراف داخل المجتمع. والصداقة هي إحدى هذه العلاقات الإنسانية التي قد تنشأ بين الرجل والمرأة في ظروف كثيرة. وإذا أردنا أن ندرس مسألة الصداقة بين الجنسين، من الناحية الشرعية، لا بد لنا من أن ننظر إلى الهدف الشرعي الذي يستهدفه الإسلام من مسألة التخطيط للعلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة. فنجد أن الإسلام يهمه أن تبقى العلاقات طاهرة نظيفة من حيث المشاعر والأحاسيس ومن حيث الممارسة. ولعلّ تأكيد الشرع على هذا الجانب، ينطلق من الأهداف الإسلامية في الخط المستقيم، في ما أراده الله تعالى لعباده أن يعيشوه.
نلاحظ مثلاً أنَّ الإسلام حرّم الزنا، وأراد عندما حرّمه، أن يجعل حركة هذا التحريم في الواقع تنطلق في خطٍ عملي يفسح المجال لهذا الهدف؛ وهو الابتعاد عن الزنا والانطلاق في جوِّ العفّة، ولهذا حدّد للإنسان الوسائل والأجواء التي تبعده عن عيش التجربة المنحرفة.
ومن هنا نلاحظ أن القرآن الكريم انطلق، في هذا المجال، ليؤكد وجوب غضّ البصر، سواء أتعلّق الأمر بالمؤمنين أم بالمؤمنات، هذا من جهة، ومن جهة ثانية نهى الإسلام عن التبرّج وإبداء الزينة، وأراد من خلال ذلك أن يُبعد الطرفين عن العيش في الأجواء التي تولد العاطفة وتحرك الغريزة في الاتجاه الذي يوصل إلى نتائج سلبية من هذا الجانب. ومن جهة ثالثة، نجد أحاديث شرعية تتحدّث عن كراهة خلوة الرجل بالمرأة، وربما يتحول هذا الحكم الشرعي بالكراهة إلى حكم شرعي بالحرمة، إذا علمنا بوجود نتائج سلبية محققة الحدوث، أو بوجود احتمال كبير في حدوثها.
ضمن هذه الأجواء، يستوقفنا حديث منسوب للزهراء(ع) يقول: "خيرٌ للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهُنّ الرجال"، على أننا لا نفهم من هذا الحديث مجرد عدم الرؤية بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة، بل نفهم منه الكناية عن الدعوة إلى عدم الاختلاط، باعتبار أن الاختلاط يؤدِّي إلى بعض النتائج السلبية التي تشارك في اقتراب الطرفين من التجربة الصعبة من حيث المشاعر الحميمة والنظرات اللاهبة، وما إلى ذلك.
معنى الصداقة
إننا نحاول أن نثير هذه الأمور لننفذ إلى هذه المسألة، كي نفهم المراد من كلمة الصداقة، ونسأل: هل المراد من كلمة الصداقة وجود علاقة طبيعية بين رجل وامرأة تماماً كما هي العلاقة بين رجل ورجل وبين امرأة وامرأة في شؤون المحادثة، وفي شؤون الدرس، وفي شؤون الحياة الاجتماعية العامة، بحيث تقف المشاعر عند حدود معينة، ولا تقترب من الجانب الحسي الغريزي؟ وهل المراد من الصداقة هو هذا، بحيث يشعر كلٌّ منهما بأن هناك علاقة تقوم على التفاهم والاحترام المتبادل اللذين تحكمهما حاجة الطرفين إلى لقاء من أجل قضايا فكرية او اجتماعية أو سياسية؟ إذا كان المقصود هو هذا، فإن التحفّظات التي يمكن أن نستوحيها من بعض الأجواء الإسلامية الأخلاقية، ومن بعض الأحكام الإسلامية، تتركّز حول نقطتين:
النقطة الأولى: هي أنّ طبيعة هذه الصداقة التي نريد أن تتحوّل إلى أجواء طبيعية من اللقاء، ومن الاختلاط، قد توقع الطرفين في بعض الإشكالات الشرعية، وذلك أن هذه الصداقة لا يمكن أن تتم بشكل طبيعي بعيداً عن العُقَد التي يعيشها الطرفان، إلا بالانحراف عن الخط الإسلامي في بعض الأحكام الشرعية.
والنقطة الثانية: هي أن طبيعة التنوّع بين الرجل والمرأة لا يمكن لها أن تضبط الصداقة عند حدودها الطبيعية، لأن الصداقة تمثل حالة شعورية معينة ترتفع المشاعر الحميمة فيها كلما تعمّقت أكثر، وكلما شعر الطرفان بالوحدة أكثر. ومن الطبيعي بأنّ الغريزة سوف تعبر عن نفسها في هذه الحالة، بطريقة أو بأخرى، وإن تجاهلها الطرفان، إلا أنها تتجمع في المشاعر والأحاسيس، لتصل في نهاية المطاف إلى الانفجار بطريقة أو بأخرى.
إنّنا نركز على هذا الفهم المتحفظ للصداقة بين الجنسين، من خلال استيحائنا لكثير من الأحاديث، ومنها الحديث التالي: "ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما"، فهذا الحديث يؤكد أن طبيعة الاجتماع المنفرد تجعل الطرفين وجهاً لوجه أمام مسألة الأحاسيس الخاصة التي تنطلق من خلال التنوّع، ومن خلال انجذاب كل نوع إلى النوع الآخر.
وهذا الذي نؤكده يمكن أن نفهمه أيضاً، من خلال ما توصّل إليه علماء الاجتماع في إجاباتهم عن السؤال المطروح بشكلٍ دائم، وهو:
ـ هل يمكن أن تقوم صداقة بريئة بعيدة عن الجانب الجنسي بين الرجل والمرأة؟
ففي هذا الجانب، تفيد إجابات العلماء، أن قيام مثل هذه الصداقة أمر غير عملي وغير واقعي، وربما نستطيع أن نصل إلى هذه النتيجة من خلال ملاحظاتنا للواقع المعاش الذي تجاوز الكثير من الحدود في العلاقة بين الطرفين، وذلك إلى الدرجة التي يشعر فيها كل من الطرفين بمشكلة من ناحية حركة غريزته، باعتبار أن المجتمع مجتمع يعيش حرية في هذا الجانب. ومع ذلك، نجد أن الصداقات، التي تتمّ في هذا الواقع الذي يعيش حالة اكتفاء عاطفي من هذه الناحية، لا بد من أن تتحرك في الاتجاه السلبي، حتى إنها تطال أكثر الناس بعداً عن هذا المجال من المسؤولين الكبار، ومن القادة الكبار، وما إلى ذلك.
ولهذا، فإننا نعتقد أن الصداقة بين الرجل والمرأة وإن أدّت إلى نتائج إيجابية على مستوى الواقع الأخلاقي، فإنها تؤدي في المقابل إلى نتائج سلبية كبرى في هذا المجال، فتكون الصداقة قضية من القضايا التي يكون إثمها أكبر من نفعها؛ الأمر الذي يدخلها في جو التجربة الصعبة التي تقترب من الحرام، وقد ورد في الحديث: "المحرّمات حمى الله، فمن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه".
لهذا، فإننا نتصور أن على المجتمع المؤمن أن يدرس هذه الأمور دراسة دقيقة وواقعية، حتى لا يقع في التجربة الصعبة التي قد تسيء إلى الطرفين، أو إلى المجتمع المؤمن بالكامل، إننا نفهم أن الأخلاق لا بد لها من أجواء ملائمة، فنحن لا يمكن أن نقول للإنسان: اقترب من المحرقة ولا تحترق، ولا يمكن أن نرمي إنساناً بالماء ونقول له: لا تبتلّ.
وقريبٌ من هذا المعنى ما يقوله الشاعر:
"ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له: إيّاك إيّاك أن تبتلّ بالماء"
إننا نفهم، من الحدود الشرعية التي تحكم علاقة الرجل بالمرأة في التشريع الإسلامي، أنها لا تشجع أية علاقات بين الرجل والمرأة خارج نطاق البيت الزوجي. وهذا الفهم لا يعني أن الاختلاط شرٌ كله، وأنّ اللقاءات شرٌ كلها، غير أننا يمكن أن نعيش الحاجة إلى بعض الأجواء المشتركة في العمل الاجتماعي، أو العمل الإسلامي، أو العمل الثقافي.. وهذه الأجواء لا بد لنا من أن نحصِّنها بكثير من القيود والشروط التي تبعدها عن أن تكون أداةً للانحراف الأخلاقي..
الاختلاط وحديث الزهراء(ع)
قد يتساءل الكثيرون عمّا إذا كان حديث فاطمة الزهراء(ع) المشهور: "خيرٌ للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال"(1)، يعتبر حكماً شرعياً ضابطاً للمرأة في حركتها داخل المجتمع، للإجابة عن هذا السؤال، لا بد لنا من أن نفهم الكلمات التي تصدر عن أهل البيت(ع)، وعن غيرهم من الذين تنطلق كلماتهم في خط المسؤولية، وفق الطريقة البلاغية المتمثلة في الأسلوب الفني للتعبير في اللغة العربية. ويتحدث علماء البلاغة عن عدة أساليب؛ فهناك أسلوب الحديث عن أفكار بالألفاظ بلحاظ معانيها الحقيقية الموضوعة لها، وهناك أساليب وأفكار يعبر عنها بطريقة المجاز والكناية.
في ضوء هذه الإشارة، نحاول أن نفهم قول سيدتنا فاطمة الزهراء(ع)، فهي لم تكن في مجال الحديث عن الحكم الشرعي الذي لا بد أن تخضع له المرأة في حياتها العامة: في رؤيتها للرجال أو رؤية الرجال لها، حتى في ما يحل لها أن ترى من الرجال أو في ما يحلّ للرجال أن يروا منها، بل كانت السيدة الزهراء(ع) في مقام إعطاء الفكرة العميقة التي تعالج مسألة الاختلاط بين الرجل والمرأة، والتي يمكن أن تؤثر سلباً في طهارة روحية المرأة تجاه علاقتها بالرّجل، أو طهارة روحية الرجل تجاه علاقته بالمرأة، باعتبار أن الاختلاط قد يؤثّر تأثيراً سلبياً في هذا المجال. كما أنّ النظرات، عندما لا تنهض في دائرة خاصة، أو عندما تتحرك من خلال الحالة الغريزية العفوية الموجودة لدى الرجل والمرأة، فإنها تترك تأثيرات سلبية على أخلاقية الرجل والمرأة في طبيعة ما توحي به النظرة من مشاعر، وفي طبيعة ما تقود إليه النظرة من سلوك
ولعل الشاعر عبّر تعبيراً موحياً عن هذه المسألة في قوله:
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
وإن كان هذا الشعر يتجه اتجاهاً آخر، لكنه يمكن أن يعطي إيحاءً معيناً، ويمكن في هذا المجال أن نستوحي ما ورد من أحاديث شريفة في هذا المجال، مثل الحديث القائل: "النظرة الأولى لك والثانية عليك"، والحديث الآخر الذي يقول: "النظر سهمٌ من سهام إبليس"، وما إلى ذلك من روايات في هذا المجال.
إن الزهراء(ع) كانت تريد أن تتحدّث بطريق الكناية، فتقول: إن المرأة إذا استطاعت أن تبتعد عن دائرة الاختلاط بالرجل، بحيث لا يراها رجل ولا تراه، فهو خير لها حتى لا يترك الاختلاط أي تأثير على النفسية، فالسيدة الزهراء(ع) تعالج مسألة الاختلاط من خلال ما تريده من طهارة روحية المرأة في الدائرة العليا من الطهارة التي يراد للمرأة ـ كما يراد للرجل ـ أن تبلغها في هذا المجال.
ولكننا نلاحظ أن هذه الدائرة العليا، في الوقت الذي تمثل فيه قيمةً إسلاميةً أخلاقية كبيرة، من حيث الغايات الكبيرة للكمال الإسلامي، لا تمثل تكليفاً شرعياً بذلك.
ذلك أن المرأة لم تكلَّف شرعاً بألا تنظر إلى الرجل، ولم يحرّم عليها أن ينظر إليها الرجل في دائرة ما هو حلال من النظر بين الطرفين، ولا سيما إذا كانت هذه المسألة تعيش في دائرة ضروريات الحياة العامة، أو في ضروريات الواقع السياسي والجهادي والثقافي الذي قد تحتاج المرأة المسلمة فيه أن تنطلق في دائرة حجابها الشرعي، لتتحدث مع الرجال في ما يتعلق بالشؤون الرسالية العامة التي تفرض مشاركة المرأة في كثير من الحالات. إن الحديث يضع موضوع الاختلاط في دائرة القمة الأخلاقية العليا، بما يسميه البلاغيون المبالغة في التعبير عن الفكرة في أعلى درجاتها، ولكنه على كل حال، ليس تكليفاً شرعياً، لأننا نعرف أن الزهراء(ع)، في ما ينقله لنا تاريخها، كانت ترى الرجال وتتحدث معهم، كما كان الرجال يرونها ويتحدثون معها؛ الأمر الذي يدل على أن المسألة لا تتحرك في نطاق التوجيهات العادية، وإنما تتحرك في دائرة الأخلاقيات العليا التي لم يكلف الإنسان بها، ولكنها وضعت أمامه قمةً لما يحتاج الناس أن يستوحوه من التطلّع إلى القمم الكبيرة في المجال الأخلاقي العام.
الأسئلة حول الصداقة بين الرجل والمرأة (حوار جاد للنقاش)
الصداقة بين الرجل والمرأة !
نقاش جاد ! مفاجات ! حدود هذه الصداقة ! موضوع هام
للجميع السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع : الصداقة بين المرأة والرجل !!!
لقد رايت انواعا عديدة في الصداقة بين الرجل والمراة (البنت والولد) وحبيت اطرحها عليكم للنقاش واتمنى ان يكون النقاش جاد جداا :
1_الصداقة في الدردشة (في غرف الدردشة) طبعا هذا الامر موجود وبكثرة
هل انت مع الصداقة في الدردشة فقط !! وما رايك هل هناك فرق بين الكلام بالعام او بالخاص !
وما رايك بالدردشة الصوتيه بين الرجل والمراة ! والدردشة مع كاميرا !
2_الصداقة في المدارس والجامعات
مارايك بالصداقة (او ماتسمية بالزمالة) في الجامعة والمدرسة !
3_الصداقة في العمل (الزمالة بالعمل) ما رايك فيها؟ وماهي الحدود التي توافق عليها ؟
4_الصداقة التي تنشا عن طريق عن طريق البيع والشراء ! فنجد ان المراه حين تتردد على مكان معين للشراء نجد ان هناك صداقة تنشا بينهم ! وبعد فترة ممكن نجد الضحك وتبادل النكت ايضا
5_الصداقة بين الجيران !! ما رايك لو رايت اختك او زوجتك تكلم ابن الجيران (صداقة)
"طبع الاسئلة شاملة للبنات وللشباب "
وشكرا
بــــــــــــسم الله الرحمن الرحيـــــــــــم
لقد خطّط الإسلام للعلاقات الإنسانية داخل المجتمع، وخصّ العلاقة بين الرجل والمرأة، فوضع لها حدوداً وأُطراً تصونها وتسمح لها بأن تنشأ في جوٍّ سليم لا يثير المشاكل والانحراف داخل المجتمع. والصداقة هي إحدى هذه العلاقات الإنسانية التي قد تنشأ بين الرجل والمرأة في ظروف كثيرة. وإذا أردنا أن ندرس مسألة الصداقة بين الجنسين، من الناحية الشرعية، لا بد لنا من أن ننظر إلى الهدف الشرعي الذي يستهدفه الإسلام من مسألة التخطيط للعلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة. فنجد أن الإسلام يهمه أن تبقى العلاقات طاهرة نظيفة من حيث المشاعر والأحاسيس ومن حيث الممارسة. ولعلّ تأكيد الشرع على هذا الجانب، ينطلق من الأهداف الإسلامية في الخط المستقيم، في ما أراده الله تعالى لعباده أن يعيشوه.
نلاحظ مثلاً أنَّ الإسلام حرّم الزنا، وأراد عندما حرّمه، أن يجعل حركة هذا التحريم في الواقع تنطلق في خطٍ عملي يفسح المجال لهذا الهدف؛ وهو الابتعاد عن الزنا والانطلاق في جوِّ العفّة، ولهذا حدّد للإنسان الوسائل والأجواء التي تبعده عن عيش التجربة المنحرفة.
ومن هنا نلاحظ أن القرآن الكريم انطلق، في هذا المجال، ليؤكد وجوب غضّ البصر، سواء أتعلّق الأمر بالمؤمنين أم بالمؤمنات، هذا من جهة، ومن جهة ثانية نهى الإسلام عن التبرّج وإبداء الزينة، وأراد من خلال ذلك أن يُبعد الطرفين عن العيش في الأجواء التي تولد العاطفة وتحرك الغريزة في الاتجاه الذي يوصل إلى نتائج سلبية من هذا الجانب. ومن جهة ثالثة، نجد أحاديث شرعية تتحدّث عن كراهة خلوة الرجل بالمرأة، وربما يتحول هذا الحكم الشرعي بالكراهة إلى حكم شرعي بالحرمة، إذا علمنا بوجود نتائج سلبية محققة الحدوث، أو بوجود احتمال كبير في حدوثها.
ضمن هذه الأجواء، يستوقفنا حديث منسوب للزهراء(ع) يقول: "خيرٌ للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهُنّ الرجال"، على أننا لا نفهم من هذا الحديث مجرد عدم الرؤية بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة، بل نفهم منه الكناية عن الدعوة إلى عدم الاختلاط، باعتبار أن الاختلاط يؤدِّي إلى بعض النتائج السلبية التي تشارك في اقتراب الطرفين من التجربة الصعبة من حيث المشاعر الحميمة والنظرات اللاهبة، وما إلى ذلك.
معنى الصداقة
إننا نحاول أن نثير هذه الأمور لننفذ إلى هذه المسألة، كي نفهم المراد من كلمة الصداقة، ونسأل: هل المراد من كلمة الصداقة وجود علاقة طبيعية بين رجل وامرأة تماماً كما هي العلاقة بين رجل ورجل وبين امرأة وامرأة في شؤون المحادثة، وفي شؤون الدرس، وفي شؤون الحياة الاجتماعية العامة، بحيث تقف المشاعر عند حدود معينة، ولا تقترب من الجانب الحسي الغريزي؟ وهل المراد من الصداقة هو هذا، بحيث يشعر كلٌّ منهما بأن هناك علاقة تقوم على التفاهم والاحترام المتبادل اللذين تحكمهما حاجة الطرفين إلى لقاء من أجل قضايا فكرية او اجتماعية أو سياسية؟ إذا كان المقصود هو هذا، فإن التحفّظات التي يمكن أن نستوحيها من بعض الأجواء الإسلامية الأخلاقية، ومن بعض الأحكام الإسلامية، تتركّز حول نقطتين:
النقطة الأولى: هي أنّ طبيعة هذه الصداقة التي نريد أن تتحوّل إلى أجواء طبيعية من اللقاء، ومن الاختلاط، قد توقع الطرفين في بعض الإشكالات الشرعية، وذلك أن هذه الصداقة لا يمكن أن تتم بشكل طبيعي بعيداً عن العُقَد التي يعيشها الطرفان، إلا بالانحراف عن الخط الإسلامي في بعض الأحكام الشرعية.
والنقطة الثانية: هي أن طبيعة التنوّع بين الرجل والمرأة لا يمكن لها أن تضبط الصداقة عند حدودها الطبيعية، لأن الصداقة تمثل حالة شعورية معينة ترتفع المشاعر الحميمة فيها كلما تعمّقت أكثر، وكلما شعر الطرفان بالوحدة أكثر. ومن الطبيعي بأنّ الغريزة سوف تعبر عن نفسها في هذه الحالة، بطريقة أو بأخرى، وإن تجاهلها الطرفان، إلا أنها تتجمع في المشاعر والأحاسيس، لتصل في نهاية المطاف إلى الانفجار بطريقة أو بأخرى.
إنّنا نركز على هذا الفهم المتحفظ للصداقة بين الجنسين، من خلال استيحائنا لكثير من الأحاديث، ومنها الحديث التالي: "ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما"، فهذا الحديث يؤكد أن طبيعة الاجتماع المنفرد تجعل الطرفين وجهاً لوجه أمام مسألة الأحاسيس الخاصة التي تنطلق من خلال التنوّع، ومن خلال انجذاب كل نوع إلى النوع الآخر.
وهذا الذي نؤكده يمكن أن نفهمه أيضاً، من خلال ما توصّل إليه علماء الاجتماع في إجاباتهم عن السؤال المطروح بشكلٍ دائم، وهو:
ـ هل يمكن أن تقوم صداقة بريئة بعيدة عن الجانب الجنسي بين الرجل والمرأة؟
ففي هذا الجانب، تفيد إجابات العلماء، أن قيام مثل هذه الصداقة أمر غير عملي وغير واقعي، وربما نستطيع أن نصل إلى هذه النتيجة من خلال ملاحظاتنا للواقع المعاش الذي تجاوز الكثير من الحدود في العلاقة بين الطرفين، وذلك إلى الدرجة التي يشعر فيها كل من الطرفين بمشكلة من ناحية حركة غريزته، باعتبار أن المجتمع مجتمع يعيش حرية في هذا الجانب. ومع ذلك، نجد أن الصداقات، التي تتمّ في هذا الواقع الذي يعيش حالة اكتفاء عاطفي من هذه الناحية، لا بد من أن تتحرك في الاتجاه السلبي، حتى إنها تطال أكثر الناس بعداً عن هذا المجال من المسؤولين الكبار، ومن القادة الكبار، وما إلى ذلك.
ولهذا، فإننا نعتقد أن الصداقة بين الرجل والمرأة وإن أدّت إلى نتائج إيجابية على مستوى الواقع الأخلاقي، فإنها تؤدي في المقابل إلى نتائج سلبية كبرى في هذا المجال، فتكون الصداقة قضية من القضايا التي يكون إثمها أكبر من نفعها؛ الأمر الذي يدخلها في جو التجربة الصعبة التي تقترب من الحرام، وقد ورد في الحديث: "المحرّمات حمى الله، فمن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه".
لهذا، فإننا نتصور أن على المجتمع المؤمن أن يدرس هذه الأمور دراسة دقيقة وواقعية، حتى لا يقع في التجربة الصعبة التي قد تسيء إلى الطرفين، أو إلى المجتمع المؤمن بالكامل، إننا نفهم أن الأخلاق لا بد لها من أجواء ملائمة، فنحن لا يمكن أن نقول للإنسان: اقترب من المحرقة ولا تحترق، ولا يمكن أن نرمي إنساناً بالماء ونقول له: لا تبتلّ.
وقريبٌ من هذا المعنى ما يقوله الشاعر:
"ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له: إيّاك إيّاك أن تبتلّ بالماء"
إننا نفهم، من الحدود الشرعية التي تحكم علاقة الرجل بالمرأة في التشريع الإسلامي، أنها لا تشجع أية علاقات بين الرجل والمرأة خارج نطاق البيت الزوجي. وهذا الفهم لا يعني أن الاختلاط شرٌ كله، وأنّ اللقاءات شرٌ كلها، غير أننا يمكن أن نعيش الحاجة إلى بعض الأجواء المشتركة في العمل الاجتماعي، أو العمل الإسلامي، أو العمل الثقافي.. وهذه الأجواء لا بد لنا من أن نحصِّنها بكثير من القيود والشروط التي تبعدها عن أن تكون أداةً للانحراف الأخلاقي..
الاختلاط وحديث الزهراء(ع)
قد يتساءل الكثيرون عمّا إذا كان حديث فاطمة الزهراء(ع) المشهور: "خيرٌ للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال"(1)، يعتبر حكماً شرعياً ضابطاً للمرأة في حركتها داخل المجتمع، للإجابة عن هذا السؤال، لا بد لنا من أن نفهم الكلمات التي تصدر عن أهل البيت(ع)، وعن غيرهم من الذين تنطلق كلماتهم في خط المسؤولية، وفق الطريقة البلاغية المتمثلة في الأسلوب الفني للتعبير في اللغة العربية. ويتحدث علماء البلاغة عن عدة أساليب؛ فهناك أسلوب الحديث عن أفكار بالألفاظ بلحاظ معانيها الحقيقية الموضوعة لها، وهناك أساليب وأفكار يعبر عنها بطريقة المجاز والكناية.
في ضوء هذه الإشارة، نحاول أن نفهم قول سيدتنا فاطمة الزهراء(ع)، فهي لم تكن في مجال الحديث عن الحكم الشرعي الذي لا بد أن تخضع له المرأة في حياتها العامة: في رؤيتها للرجال أو رؤية الرجال لها، حتى في ما يحل لها أن ترى من الرجال أو في ما يحلّ للرجال أن يروا منها، بل كانت السيدة الزهراء(ع) في مقام إعطاء الفكرة العميقة التي تعالج مسألة الاختلاط بين الرجل والمرأة، والتي يمكن أن تؤثر سلباً في طهارة روحية المرأة تجاه علاقتها بالرّجل، أو طهارة روحية الرجل تجاه علاقته بالمرأة، باعتبار أن الاختلاط قد يؤثّر تأثيراً سلبياً في هذا المجال. كما أنّ النظرات، عندما لا تنهض في دائرة خاصة، أو عندما تتحرك من خلال الحالة الغريزية العفوية الموجودة لدى الرجل والمرأة، فإنها تترك تأثيرات سلبية على أخلاقية الرجل والمرأة في طبيعة ما توحي به النظرة من مشاعر، وفي طبيعة ما تقود إليه النظرة من سلوك
ولعل الشاعر عبّر تعبيراً موحياً عن هذه المسألة في قوله:
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
وإن كان هذا الشعر يتجه اتجاهاً آخر، لكنه يمكن أن يعطي إيحاءً معيناً، ويمكن في هذا المجال أن نستوحي ما ورد من أحاديث شريفة في هذا المجال، مثل الحديث القائل: "النظرة الأولى لك والثانية عليك"، والحديث الآخر الذي يقول: "النظر سهمٌ من سهام إبليس"، وما إلى ذلك من روايات في هذا المجال.
إن الزهراء(ع) كانت تريد أن تتحدّث بطريق الكناية، فتقول: إن المرأة إذا استطاعت أن تبتعد عن دائرة الاختلاط بالرجل، بحيث لا يراها رجل ولا تراه، فهو خير لها حتى لا يترك الاختلاط أي تأثير على النفسية، فالسيدة الزهراء(ع) تعالج مسألة الاختلاط من خلال ما تريده من طهارة روحية المرأة في الدائرة العليا من الطهارة التي يراد للمرأة ـ كما يراد للرجل ـ أن تبلغها في هذا المجال.
ولكننا نلاحظ أن هذه الدائرة العليا، في الوقت الذي تمثل فيه قيمةً إسلاميةً أخلاقية كبيرة، من حيث الغايات الكبيرة للكمال الإسلامي، لا تمثل تكليفاً شرعياً بذلك.
ذلك أن المرأة لم تكلَّف شرعاً بألا تنظر إلى الرجل، ولم يحرّم عليها أن ينظر إليها الرجل في دائرة ما هو حلال من النظر بين الطرفين، ولا سيما إذا كانت هذه المسألة تعيش في دائرة ضروريات الحياة العامة، أو في ضروريات الواقع السياسي والجهادي والثقافي الذي قد تحتاج المرأة المسلمة فيه أن تنطلق في دائرة حجابها الشرعي، لتتحدث مع الرجال في ما يتعلق بالشؤون الرسالية العامة التي تفرض مشاركة المرأة في كثير من الحالات. إن الحديث يضع موضوع الاختلاط في دائرة القمة الأخلاقية العليا، بما يسميه البلاغيون المبالغة في التعبير عن الفكرة في أعلى درجاتها، ولكنه على كل حال، ليس تكليفاً شرعياً، لأننا نعرف أن الزهراء(ع)، في ما ينقله لنا تاريخها، كانت ترى الرجال وتتحدث معهم، كما كان الرجال يرونها ويتحدثون معها؛ الأمر الذي يدل على أن المسألة لا تتحرك في نطاق التوجيهات العادية، وإنما تتحرك في دائرة الأخلاقيات العليا التي لم يكلف الإنسان بها، ولكنها وضعت أمامه قمةً لما يحتاج الناس أن يستوحوه من التطلّع إلى القمم الكبيرة في المجال الأخلاقي العام.
الأسئلة حول الصداقة بين الرجل والمرأة (حوار جاد للنقاش)
الصداقة بين الرجل والمرأة !
نقاش جاد ! مفاجات ! حدود هذه الصداقة ! موضوع هام
للجميع السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع : الصداقة بين المرأة والرجل !!!
لقد رايت انواعا عديدة في الصداقة بين الرجل والمراة (البنت والولد) وحبيت اطرحها عليكم للنقاش واتمنى ان يكون النقاش جاد جداا :
1_الصداقة في الدردشة (في غرف الدردشة) طبعا هذا الامر موجود وبكثرة
هل انت مع الصداقة في الدردشة فقط !! وما رايك هل هناك فرق بين الكلام بالعام او بالخاص !
وما رايك بالدردشة الصوتيه بين الرجل والمراة ! والدردشة مع كاميرا !
2_الصداقة في المدارس والجامعات
مارايك بالصداقة (او ماتسمية بالزمالة) في الجامعة والمدرسة !
3_الصداقة في العمل (الزمالة بالعمل) ما رايك فيها؟ وماهي الحدود التي توافق عليها ؟
4_الصداقة التي تنشا عن طريق عن طريق البيع والشراء ! فنجد ان المراه حين تتردد على مكان معين للشراء نجد ان هناك صداقة تنشا بينهم ! وبعد فترة ممكن نجد الضحك وتبادل النكت ايضا
5_الصداقة بين الجيران !! ما رايك لو رايت اختك او زوجتك تكلم ابن الجيران (صداقة)
"طبع الاسئلة شاملة للبنات وللشباب "
وشكرا