الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
قال الله تعالى: { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}من جملة ما نهى الله عنه الإفتاء بغير علم، ولكننا نرى كثيرًا من الناس في هذه الأيام صاروا يتجرؤون على الفتوى بغير علم ويستسهلون التسرع والتهور بالإجابة عن مسائل الدين بلا تثبت ولا تحقق فنراهم في قضايا الصلاة يُفتون بغير علم وفي قضايا الزكاة كذلك، وفي موسم الحج أو في أرض الحجاز يُفتون بغير علم وفي موضوع زكاة الفطر والفِدية وكفارة اليمين يفتون بغر علم وفي موضوع الطلاق وعدة المرأة المتوفى عنها زوجها يفتون بغير علم وكذلك فيمن سبّ الله او الأنبياء أو الملائكة كثير منهم يفتي بغير علم فيعتبر هذا على زعمه من باب لغو اليمين كما يستدلّ بعضهم استدلالا بغير محله بقوله تعالى { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ} .أو نراهم يُحرّفون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضعونه في غير محله مدافعين عمن نطق بكلمة الكفر فيقولون النبي قال: "إنما الأعمال بالنيّات".
وهذا الحديث ليس هنا موضعه بل وضعه أن يذكر في باب الأعمال الصالحة فإنها لا تكون مقبولة عند الله إلا بالنيّة.
فهؤلاء الذين يهجمون على الإفتاء بغير علم يقال لهم: تعلّموا علم الدين واجلسوا في مجالس أهل العلم والمعرفة لتأمنوا على أنفسكم من الوقوع في الزلل والخطأ لأن الإفتاء بغير علم منه ما يكون كفرًا والعياذ بالله ومنه ما هو أقل من ذلك.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفتى بغير علم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السموات والأرض" رواه ابن عساكر.
والآفة الكبرى في هذا العصر أننا نرى كثيرًا ممن يدّعون العلم يُفتون بما يخالف شرع الله تعالى مدّعين أنهم اجتهدوا كاجتهاد الشافعي ومالك وابي حنيفة وأحمد بن حنبلٍ ويقولون هم رجال ونحن رجال فنحن نجتهد كما اجتهدوا.
فيقال لهم اتفق العلماء أن الاجتهاد يكون في الأحكام وليس في أصول العقيدة لأن أصول العقيدة ليس فيها اجتهادٌ بل اتّباع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ممّا تلقّاه الصحابة عنه، ثم التّابعون الذين لم يلقوا رسول الله اتّبعوا الصحابة في تلك الأصول وهكذا تسلسل إلى عصرنا.
فالصحابة لم يختلفوا في أصول العقيدة كمعرفة الله والأمور الاعتقادية التي تحصل في الآخرة كالإيمان بوجود الجنة ووجود جهنم والحساب والميزان وغير ذلك، وإن الله خالق كل شيء من الأجسام وأعمال العباد الظاهر والقلبية وهذه الأصول لم يختلف فيها الصحابة ولا جمهور الأمة. وإنما الاختلاف يكون في الفروع.
ثم هناك امر مهم جدًا وهو أنّ المجتهد لا يخالف ما أجمع عليه المجتهدون الذين كانوا قبله بل من شرط المجتهد أن يكون عالمًا بما أجمع عليه المجتهدون وما اختلفوا فيه لأن اذا لم يعلم ذلك لا يُؤْمَن عليه من أن يخرق إجماع من قبله.
لأن خرق الإجماع مخالفة للدين ، فقد قال الله تعالى: { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}
فموضع الشاهد في الآية قوله تعالى: { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}.
فمن علامة كون الشخص كذابًا وليس من أهل الاجتهاد أن يأتي بفتوى تخالف جميع المجتهدين الذين سبقوه، لأن المجتهد لا يؤدّي به اجتهاده إلى الخروج من الإجماع.
ليس كل إنسان حفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم صار من أهلا الاجتهاد بل المجتهد من اكتملت فيه شروط الاجتهاد التي ذكرها العلماء في كتبهم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فَرُبَّ مُبلّغٍ لا فقه عنده".وفي رواية: "فرُبّ مُبلّغ أوعى من سامع" وفي لفظ أيضًا: "فرُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه".فهذه الروايات تدل على أنّ من الناس من لم يرزقهم الله تعالى المقدرة على الاجتهاد مع كونهم يحفظون، فالعبرة ليست بالحفظ.
والحقيقة أن الذي دفع بعض مدّعي العلم إلى القول برأيه وادّعاء الاجتهاد هو أنّ الكثير منهم إذا سئل بمسئلة لا يعرف حكمها يستحي أن يقول لا أدري حتى لا يقال عنه أنه ضعيف في أمور الدين فيحمله تكبّره والعياذ بالله على أن يتكلم برأيه زاعمًا أنه اجتهاده.
وقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (لا أدري نصف العلم).وورد عن سيدنا عليّ رضي الله عنه وكرّم وجهه الذي شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بقوّة علمه، أنه سُئل بمسئلة لا يعلم حكمها، فقال: ما أبردها على كبدي أن أقول فيما لا أعلم : لا أعلم.وهذا ابو بكر الصديق رضي الله عنه رُوي أنه سُئل عن تفسير ءاية في القرءان كان لم يسمع تفسيرها من رسول الله فقال (أيُّ سماء تُظلّني وأيّ أرض تُقلّني إن قلت في كتاب الله ما لا أعلم).بل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل خلق الله وقد أعطاه الله تعالى علم الأولين والآخرين لما سُئل عن خير بقاع الأرض وشرّ بقاع الأرض قال: لا أدري أسأل أخي جبريل، فلما سأل جبريل قال لا أدري أسأل ربّ العزّة.
ثم جاء الجواب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ خير بقاع الأرض المساجد وشر بقاع الأرض الأسواق.
فليس نقصًا أن يقول الإنسان لا أعلم فيما لا يعلم بل الأمر المذموم هو أن يقول برأيه – فيفتي بغير علم فيقع فيما لا يرضي الله تعالى.
نسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة
قال الله تعالى: { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}من جملة ما نهى الله عنه الإفتاء بغير علم، ولكننا نرى كثيرًا من الناس في هذه الأيام صاروا يتجرؤون على الفتوى بغير علم ويستسهلون التسرع والتهور بالإجابة عن مسائل الدين بلا تثبت ولا تحقق فنراهم في قضايا الصلاة يُفتون بغير علم وفي قضايا الزكاة كذلك، وفي موسم الحج أو في أرض الحجاز يُفتون بغير علم وفي موضوع زكاة الفطر والفِدية وكفارة اليمين يفتون بغر علم وفي موضوع الطلاق وعدة المرأة المتوفى عنها زوجها يفتون بغير علم وكذلك فيمن سبّ الله او الأنبياء أو الملائكة كثير منهم يفتي بغير علم فيعتبر هذا على زعمه من باب لغو اليمين كما يستدلّ بعضهم استدلالا بغير محله بقوله تعالى { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ} .أو نراهم يُحرّفون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضعونه في غير محله مدافعين عمن نطق بكلمة الكفر فيقولون النبي قال: "إنما الأعمال بالنيّات".
وهذا الحديث ليس هنا موضعه بل وضعه أن يذكر في باب الأعمال الصالحة فإنها لا تكون مقبولة عند الله إلا بالنيّة.
فهؤلاء الذين يهجمون على الإفتاء بغير علم يقال لهم: تعلّموا علم الدين واجلسوا في مجالس أهل العلم والمعرفة لتأمنوا على أنفسكم من الوقوع في الزلل والخطأ لأن الإفتاء بغير علم منه ما يكون كفرًا والعياذ بالله ومنه ما هو أقل من ذلك.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفتى بغير علم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السموات والأرض" رواه ابن عساكر.
والآفة الكبرى في هذا العصر أننا نرى كثيرًا ممن يدّعون العلم يُفتون بما يخالف شرع الله تعالى مدّعين أنهم اجتهدوا كاجتهاد الشافعي ومالك وابي حنيفة وأحمد بن حنبلٍ ويقولون هم رجال ونحن رجال فنحن نجتهد كما اجتهدوا.
فيقال لهم اتفق العلماء أن الاجتهاد يكون في الأحكام وليس في أصول العقيدة لأن أصول العقيدة ليس فيها اجتهادٌ بل اتّباع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ممّا تلقّاه الصحابة عنه، ثم التّابعون الذين لم يلقوا رسول الله اتّبعوا الصحابة في تلك الأصول وهكذا تسلسل إلى عصرنا.
فالصحابة لم يختلفوا في أصول العقيدة كمعرفة الله والأمور الاعتقادية التي تحصل في الآخرة كالإيمان بوجود الجنة ووجود جهنم والحساب والميزان وغير ذلك، وإن الله خالق كل شيء من الأجسام وأعمال العباد الظاهر والقلبية وهذه الأصول لم يختلف فيها الصحابة ولا جمهور الأمة. وإنما الاختلاف يكون في الفروع.
ثم هناك امر مهم جدًا وهو أنّ المجتهد لا يخالف ما أجمع عليه المجتهدون الذين كانوا قبله بل من شرط المجتهد أن يكون عالمًا بما أجمع عليه المجتهدون وما اختلفوا فيه لأن اذا لم يعلم ذلك لا يُؤْمَن عليه من أن يخرق إجماع من قبله.
لأن خرق الإجماع مخالفة للدين ، فقد قال الله تعالى: { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}
فموضع الشاهد في الآية قوله تعالى: { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}.
فمن علامة كون الشخص كذابًا وليس من أهل الاجتهاد أن يأتي بفتوى تخالف جميع المجتهدين الذين سبقوه، لأن المجتهد لا يؤدّي به اجتهاده إلى الخروج من الإجماع.
ليس كل إنسان حفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم صار من أهلا الاجتهاد بل المجتهد من اكتملت فيه شروط الاجتهاد التي ذكرها العلماء في كتبهم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فَرُبَّ مُبلّغٍ لا فقه عنده".وفي رواية: "فرُبّ مُبلّغ أوعى من سامع" وفي لفظ أيضًا: "فرُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه".فهذه الروايات تدل على أنّ من الناس من لم يرزقهم الله تعالى المقدرة على الاجتهاد مع كونهم يحفظون، فالعبرة ليست بالحفظ.
والحقيقة أن الذي دفع بعض مدّعي العلم إلى القول برأيه وادّعاء الاجتهاد هو أنّ الكثير منهم إذا سئل بمسئلة لا يعرف حكمها يستحي أن يقول لا أدري حتى لا يقال عنه أنه ضعيف في أمور الدين فيحمله تكبّره والعياذ بالله على أن يتكلم برأيه زاعمًا أنه اجتهاده.
وقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (لا أدري نصف العلم).وورد عن سيدنا عليّ رضي الله عنه وكرّم وجهه الذي شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بقوّة علمه، أنه سُئل بمسئلة لا يعلم حكمها، فقال: ما أبردها على كبدي أن أقول فيما لا أعلم : لا أعلم.وهذا ابو بكر الصديق رضي الله عنه رُوي أنه سُئل عن تفسير ءاية في القرءان كان لم يسمع تفسيرها من رسول الله فقال (أيُّ سماء تُظلّني وأيّ أرض تُقلّني إن قلت في كتاب الله ما لا أعلم).بل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل خلق الله وقد أعطاه الله تعالى علم الأولين والآخرين لما سُئل عن خير بقاع الأرض وشرّ بقاع الأرض قال: لا أدري أسأل أخي جبريل، فلما سأل جبريل قال لا أدري أسأل ربّ العزّة.
ثم جاء الجواب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ خير بقاع الأرض المساجد وشر بقاع الأرض الأسواق.
فليس نقصًا أن يقول الإنسان لا أعلم فيما لا يعلم بل الأمر المذموم هو أن يقول برأيه – فيفتي بغير علم فيقع فيما لا يرضي الله تعالى.
نسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة